لكل طفل الحق في تحقيق كامل إمكاناته البشرية
بيانٌ صادرٌ عن مديرة صندوق «التعليم لا ينتظر»، ياسمين شريف، بمناسبة اليوم العالمي للطفل: 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022
في اليوم العالمي للطفل، يجب أن نتذكر ما يعنيه أن يكون الطفل مولوداً وله الحق في تحقيق كامل إمكاناته البشرية. وليس هناك ما هو أغلى، وأكثر قيمة، من طفلٍ ينمو نحو بلوغ هذه الإمكانات. وليس هناك ما هو أسوأ من تجاهل براءة الطفل واحتياجاته التعليمية في عملية التحوُّل والتطور التي يمر بها...
إنَّ عقل الطفل في تغيُّرٍ مستمر ونموٍّ دائم، ويمكن أن يتحرك في أي اتجاه. والتعليم الذي يتلقاه الطفل بعقله وقلبه وروحه سيحدّد منذ اليوم الأوَّل ما هي النتيجة والآفاق المرجوة لتحقيق الإمكانات البشرية. وللأسف، استغرق الأمر آلاف السنين حتى توصَّلنا في نهاية المطاف إلى إطلاق "إعلان حقوق الطفل" قبل ستة عقودٍ فقط. وأصبح من واجبنا الآن تحقيقه.
يحقُّ للأطفال أن ينموا في مرحلة الطفولة المبكرة ولهم الحق في الالتحاق بالمدارس النظامية. وهذا ما وعدناهم به عندما أحضرناهم إلى هذا العالم. فكيف يتسنّى لنا بناء عالمٍ أفضل بدونهم؟ فهم ليسوا العالم بالنسبة إلينا فحسب، بل هم أملنا في عالمٍ أفضل. إنهم يمثلون وعدنا في تحقيق جميع حقوق الإنسان وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من خلال التعلُّم المبكر وتنمية الطفولة، نُعدُّهم للتعليم الرسمي وللحياة نفسها. ومن خلال تشجيع بناتنا، نمكنهن من أن يصبحن فتيات وشابات قويات يقُدنَ الطريق في خلال القرن الحادي والعشرين، حتى نتمكن من وضع حد للعصر الذي كانت فيه النساء متواريات في الظلام.
وعندما نسمح لأطفالنا بالتمرُّد واستكشاف فضولهم للتعلُّم والمعرفة وتطوير معلوماتهم، ومن خلال مطابقة ذلك مع تعليم جيد، فإننا نجهّزهم ليصبحوا ناشطين في مجال المناخ لحماية كل من الناس والكوكب، ومعلمين ينيرون الطريق لطلابهم وممرضين وأطباء ينقذون الأرواح، ونشطاء في مجال حقوق الإنسان يتحدثون بكلمة الحق أمام السلطة، وعلماء وأصحاب مشاريع يقودون شعلة الإبداع والابتكار، ومسؤولين حكوميين يحتكمون للأخلاق والقيم الديمقراطية.
وهذا ما تعهدنا به قبل ستة عقود باعتماد إعلان حقوق الطفل. كيف يمكننا أن نبرر بعد ستة عقود أنَّنا لم نستثمر فيها جميعاً بعد من خلال التعليم الجيد - بل تركنا الملايين منهم يدافعون عن أنفسهم ضد العنف الجنسي والاغتصاب، وزواج الأطفال، وعمالة الأطفال، والفقر المدقع، والأمية، والتجنيد في الجماعات المسلحة، وغيرها من الانتهاكات المُتركَبة بحقّ الأطفال.
إنَّ الاستثمار في تعليمهم هو استثمارنا في اقتصادات قادرة على الصمود ومجتمعات محلية قوية وسلمية، وهذا هو الاستثمار الأكثر ربحية في عالم أكثر عدالة وإنسانية للأجيال القادمة.
حان الوقت الآن للعمل من أجل الأطفال في كل مكان. لقد حان الوقت الآن للوفاء بوعودنا بإتاحة التعليم، خاصة بالنسبة إلى 222 مليون فتاة وفتى تمَّ توقيفهم عن التعليم بشكلٍ وحشي بسبب النزاعات المسلحة والنزوح القسري والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات الممتدة. كل طفل لديه حلم: #222_مليون_حلم✨📚 (#222MillionDreams) كل طفل لديه إمكانات وقصة يرويها. ونحن بحاجة إلى أن تُسمَع أصواتهم وأن تتحقّق أحلامهم، الآن أكثر من أي وقت مضى.
من المقرَّر أن تستضيف حكومة سويسرا وصندوق «التعليم لا ينتظر» مؤتمر التمويل رفيع المستوى التابع للصندوق في الفترة من 16 إلى 17 شباط/فبراير 2023 في جنيف. وهذا المؤتمر الذي تشترك في عقده حكومات كولومبيا وألمانيا والنيجر والنرويج وجنوب السودان، سيتيح الفرصة للقادة العالميين والجهات المانحة من القطاعَين العام والخاص لتمويل صندوق «التعليم لا ينتظر» تمويلاً جوهرياً من أجل المساعدة في ضمان تمكين كل طفل، في كل مكان، من الذهاب إلى المدرسة - ولا سيَّما 222 مليون طفل ومراهق متأثرين بالأزمات ومحاصَرين في أصعب السياقات في العالم، يحتاجون إلى دعمٍ تعليمي بشكلٍ عاجل.
وبصفته صندوق الأمم المتحدة العالمي المعنى بالتعليم في حالات الطوارئ والأزمات التي طال أمدها، يعمل صندوق «التعليم لا ينتظر» على تحقيق أحلامهم البالغة 222 مليون حلم. وتوضح دعوتنا إلى الاستثمار وخطتنا الاستراتيجية في الفترة 2023-2026 مساهمتنا المهمة في هذه الالتزامات العالمية.
الأطفال هم الحاضر والمستقبل، ويجب الاستماع إليهم والنظر إليهم، ويجب احترام حقوقهم وتحقيق إمكاناتهم. ويجب أن يوضعوا في صدارة جدول أعمالنا العالمي للتنمية المستدامة وتعهدنا العالمي بضمان حقوق الإنسان العالمية والسلام والأمن. لقد حان الوقت للاستثمار في التعليم كأساسٍ لكل طفل وبالتالي باعتباره الركيزة التي نبني عليها العالم الذي نريده.